روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات نفسية | كيف أعود إلى ماضيّ.. الجميل؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات نفسية > كيف أعود إلى ماضيّ.. الجميل؟


  كيف أعود إلى ماضيّ.. الجميل؟
     عدد مرات المشاهدة: 3147        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بادئ ذي بدء أشكركم على المجهود الذي تبذلونه في خدمة هذا الدين ومساعدة أبنائه.

وأقدر جهدكم الجبار ووقتكم الذي تفنونه في سبيل مساعدة أي مسلم يحتاج الدعم النفسي والأسري والتربوي ..الخ

وما أكثرها في زمننا هذا الذي أصبح فيه المسلم ممسكا بدينه كأنه ممسك بجمر لكثرة أعداء الدين والمؤلبين عليه ، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم وبارك في أعماركم ووقتكم وأعمالكم وكثر من أمثالكم.

هذه المرة الأولى في حياتي التي أطلب فيها المشورة من متخصصين وأرجو أن أوفق فيها...

نشأت في أسرة ملتزمة والحمدلله ، علمونا الخلق والدين وأحسنوا تربيتنا جزاهم الله خيرا ، فكانت نشأتي وتربيتي على حب الله ودينه وكتابه

تعلمت علوم الشريعة في سن مبكرة ، وأقضي معظم وقتي في قراءة الكتب النافعة ، أحب الصلاة كثيرا وأتشوق لها ، أقرأ في كل يوم جزءا أو جزئين على الأقل.

أتممت حفظ كتاب الله في سن مبكرة كذلك ، متفوقة في دراستي والحمدلله ، في كل يوم قبل النوم أحاسب نفسي وأتذكر الأخطاء التي ارتكبتها ذلك اليوم وأعد نفسي بأن لا أعود إليها وبالفعل لا أعود ..

المشكلة أنني في السنوات الأخيرة أختلف الوضع عندي تماما ، لم أعد أخشع في صلاتي ، أصليها بسرعة ، لا أحس بحلاوتها بعد الانتهاء منها.

عندما أقرأ القرءان لا أخشع فيه ، بل قد تمر أيام دون أن أقرأ آية وإذا قرأت فصفحة أو صفحتان ، لم أعد أهتم لأمور الدين. لم أعد أحاسب نفسي قبل النوم ، تغير تفكيري واهتماماتي إلى الأسوأ ...

أصبحت أحب متابعة الأفلام أكثر من قراءة الكتب ، حتى نوعية قراءاتي للكتب اختلفت ، لا أقرأ كثيرة والكتب التي أقرأها لا تفيدني بشيء ، أنفعل بسرعة من أي أمر .. عندما أفكر في نفسي وأتأسى عليها أحاول أن أبكي كي يرق قلبي ولكن بدون نتيجة ، كنت عندما أرى أحوال المسلمين أتأثر والآن لا شئ يذكر

حاولت أن أعرف السبب ولكنني تعبت ولم أعد أفكر فيه مطلقا .. كنت في البداية أظن أنها فترة مؤقتة وستنتهي ولكنها امتدت لسنوات وربما تمتد أكثر ولا أعرف متى ستنتهي ، علما أن عمري الآن 24 سنة والوضع كما هو منذ 4 سنوات

أضف إلى ذلك أنني غارقة في أحلام اليقظة وعندما أفكر في شيء فأني أمضي الساعات الطوال غارقة في التفكير دون أن أحس ، فيضيع الوقت سدى ، أصبحت أبحث عن كل ما يضيع وقتي كي لا أحس بالوقت .. أتألم كثيرا على نفسي ولا أعرف كيف أساعدها ، أحن للماضي ولا أعرف كيف أعود إليه .. ساعدوني بارك الله فيكم ..

اختي الكريمة سارة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بداية اشكركم على تواصلكم مع موقعكم الرائد هذا داعيا الله تعالى أن يقدرنا على تقديم الاستشارة المناسبة لكم وان تجدون من خلالها ما يروي ظمأكم ويدخل الفرحة والسرور إلى أعماقكم .

واقدر لكم اختي الكريمة ما بدأتم به رسالتكم من شكر وتقدير للقائمين على الموقع داعيا الله تعالى أن يوفقنا واياكم وكل القائمين على هذا الجهد العظيم إلى كل خير وتوفيق من الله وان يجعل جميع الأعمال في موازين حسناتنا جميعا .

أختي الكريمة : كم سعدت وأنا اقرأ ما ورد من عبارات جلية منيرة وهاجة وردت في بداية رسالتكم يفخر بها المرء لما فيها من ايمان كبير ويقين عظيم وتقرب إلى الله في كل شيء، فنشأتك وتربيتك بفضل الله ورعايته قائمة على حب الله وكتابه الكريم والعمل بما جاء به، نشأتي في بيت يعلم ويعمل بالقرآن العظيم فنعم النشأة هي.

والنعم التربية هذه، حافظة للقرآن الكريم بسن مبكرة وتحافظين على صلاتك وهذه من اكبر النعم ، ومجتهد في دراستك وعملك ، واعية مثقفة تحاسبين نفسك في كل يوم وليلة حتى لا تعودين إلى ما صدر منك من خطأ او غلط ...

كل هذه الخصال الحميدة والصفات الجميلة هي التي زينت شخصيتكم وتجلى بهاء النور في وجهكم وفي قلبكم العامر، وترطب لسانكم وحديثكم بذكر الله، بارك الله فيكم وفي كل عمل من أعمالكم .

وقد شدني كلامكم عندما تقولين " المشكلة أنني في السنوات الأخيرة اختلف الوضع عندي تماما ، لم أعد أخشع في صلاتي ، أصليها بسرعة ، لا أحس بحلاوتها بعد الانتهاء منها. عندما أقرأ القرءان لا أخشع فيه.

بل قد تمر أيام دون أن أقرأ آية وإذا قرأت فصفحة أو صفحتان ، لم أعد أهتم لأمور الدين. لم أعد أحاسب نفسي قبل النوم ، تغير تفكيري واهتماماتي إلى الأسوأ..." وهنا أتساءل ما سبب ذلك كله ؟؟ فأنتي بهذا الكلام تشيرين إلى النتيجة دونما اشارة إلى أي سبب لذلك؟؟ هل مثلا يتعلق بعلاقات جديدة أثرت على حضرتك؟ هل هناك منعطف هام غير مسار تفكيرك واهتماماتك وطريقة ادراكك للأمور؟؟

هل السبب خاص وشخصي عندك انتي ، ام خاص بالعائلة الكريمة ، أم بالصديقات ..؟؟ لابد من تحديد السبب الرئيسي لهذا التحول الغريب، خاصة وأن أمثال حضرتك المحصنين بالقرآن الكريم ليس بالأمر السهل أن تنقلب أحوالهم رأسا على عقب دون مسبب واضح ومؤثر كبير.

وهذا ما لم يتضح برسالتكم مع أنك تقولين " حاولت أن اعرف السبب ولكنني تعبت ولم أعد أفكر فيه مطلقا..." ويبدو لي من هذه الجملة أن هناك سبب وراء ذلك كله وهذا السبب هو شخصي وخاص بك انتي وحدك فقط ،،

وهو في حيز اللاشعور عندك وتحاولين تجاهله رغم اعتقادك انه قد يكون هو الذي سبب لك كل هذه المشاعر المتناقضة لكنك في لحظة وعي تنكرين ذلك السبب وتتلاشينه وتتجاهلينه بل وصلتي لمرحلة لا تفكرين به مطلقا وهذه واحدة من الحيل الدفاعية التي نستخدمها في حال الصراع الموجود في اعماقنا للتخلص منه.

فالانكار هو حيلة دفاعية نلجأ اليها للتخلص مما نعاني منه ومن نواتجه وللشعور بالرضا نوعا ما ونريح أنفسنا، لكننا ننسى أن هذه الراحة ليست دائمة وليست مستمرة وستعود مشاعرنا وافكارنا من جديد لحالة عدم الاستقرار وسنبحث حينها عن حيلة دفاعية مشابهة او مختلفة عن تلك التي جلبت لنا " جزئيا " الراحة ،،

وهنا انصحك اختي الفاضلة أن تجلسي مع نفسك بكل جرأة وصدق وان تحدثي نفسك بكل ثقة وتضعين اصبعك على موضع الألم وتعترفين به مهما كان مرا ومؤلما وان تحددي أن هذا هو السبب الحقيقي لكل ما أعانيه الآن .

وثقي تماما أنه مهما حزنتي وتألمتي واعتقدتي انك ستخسرين بسبب هذا الاعتراف الصريح امام نفسك،، ثقي تماما أن المكاسب اكبر وان السعادة اعظم وان الارتياح هو الشعور الدائم الذي ستشعرين به بل وستتعلمين مهارة مواجهة الذات ومصارحتها بشكل اكثر علمية وفنية ورضا في أي موقف مشابه بعد ذلك.

ولاحظي نتيجة عدم البحث عن السبب الحقيقي وعدم الاعتراف به ماذا سيحني علينا خاصة وانك تقولين "أصبحت أحب متابعة الأفلام أكثر من قراءة الكتب ، حتى نوعية قراءاتي للكتب اختلفت ، لا أقرأ كثيرة والكتب التي أقرأها لا تفيدني بشيء ، أنفعل بسرعة من أي أمر ..

" كل ذلك حسب اعتقادي هو هروب إلى الطريق الخطأ فليست الأفلام هي الحل خاصة لمن تحفظ القرآن الكريم - وفقك الله- وليست الكتب والمجلات غير النافعة هي الحل ،، وليس الحل بالانفعال والتوتر ،، كل هذه الأمور نتائج لها اسباب محددة وانتي بعقلك الرزين وشخصيتك المهذبة وفكرك النير تستطيعين تحديد السبب المباشر لذلك كله.

وارى اختي الفاضلة أن هناك ما يشغل قلبك وعقلك من امور دنيوية زائلة أشغلتك عن القراءة والذكر والخشوع وغيرها من الخصال الحميدة فأنتي تقولين " عندما أفكر في نفسي وأتأسى عليها أحاول أن أبكي كي يرق قلبي ولكن بدون نتيجة.

كنت عندما أرى أحوال المسلمين أتأثر والآن لا شئ يذكر" لاحظي عندما كان القرآن يتلألأ في أعماقك كنتي تشعرين بهم وبأحوال المسلمين ولكن الحال تبدل عندما تبدل ما في العقل والقلب والوجدان ، ادعو الله أن يثبتك على محبته وحفظ كتابه ليبقى قلبكم منيرا عامرا بالإيمان.

وبما أنك اختي الفاضلة ممن يحملون شهادة الدراسات العليا وموظفة بفضل الله فأنت القدر على تحكيم العقل والمنطق والواقع في شؤون حياتك وقراراتك ولا يصح أن تستسلمي لعثرات اليام فلا بد لك من التصرف بحكمة واقتدار وان تحدثي نفسك بقدراتك وطاقتك وإبداعك.

وان لا تأخذي الأمور كما يأخذها العامة فانت من حفظة القرآن الكريم ومثقفة وواعية فلماذا تقولين " كنت في البداية أظن أنها فترة مؤقتة وستنتهي ولكنها امتدت لسنوات وربما تمتد أكثر ولا أعرف متى ستنتهي ، علما أن عمري الآن 24 سنة والوضع.

كما هو منذ 4 سنوات" لماذا هذا الاستسلام والخضوع لأفكار سلبية تدمرنا وتدمر شخصياتنا، كيف لك أن تقبلي باستمرار مشكلتك لسنوات ؟ هل هذا معقول ؟ هل هذا مقبول عندك؟ هل تقبلين لنفسك المعاناة لسنوات وأنتي أنتي بهذه الخصال الحميدة؟

ولا تعرفين متى ستنتهي ؟؟؟ انتي اختي الكريمة من يستطيع أن يوقف هذه الأفكار ويدحضها ويفندها ويلغيها من عقله وفكره وحياته؟؟ بتحديد السبب والاعتراف به ثم التخلص منه نهائيا لأنه ذو تأثير سلبي كبير على شخصيتك وحياتك وفكرك ووجودك وقيمك ومبادئك .

وفي نهاية رسالتكم تقولين "أضف إلى ذلك أنني غارقة في أحلام اليقظة وعندما أفكر في شيء فاني أمضي الساعات الطوال غارقة في التفكير دون أن أحس ، فيضيع الوقت سدى ، أصبحت أبحث عن كل ما يضيع وقتي كي لا أحس بالوقت ..

أتألم كثيرا على نفسي ولا أعرف كيف أساعدها ، أحن للماضي ولا أعرف كيف أعود إليه" وهذه الكلمات هي بداية الوعي لما يؤثر عليك ويبعدك عن جوهرك الثمين وخلقك العظيم وايجابيتك الرائعة، أحلام اليقظة لاحظي انتي من استطاع تحديد هذه الكلمة وتحديد أثرها عليك، فبدأت تستسلمين لها بل وتستمتعين بهذا الاستسلام لها.

وتأكدي أختي ان ما يسبب أحلام اليقظة هو فراغ القلب والعقل من أفكار وأعمال تعين على تجاوز المحن والصعوبات في حياتنا الدنيوية هذه وتسعد المرء في آخرته.

فعندما لا يجد الإنسان وسيلة لإشباع دوافعه في الواقع فإنه يحقق إشباعاً جزئياً عن طريق التخيل أو ما يسمى أحلام اليقظة. وهنا لا بد لي من نصحك بعدم الاسترسال بهذا الخيال وان لا تعيشي أوهاما تتجاوزين فيها واقع حياتك واليك بعض النصائح بارك الله فيكم:

1- التقرب إلى الله تعالى والتلذذ بحفظك لآيات كتابه العظيم وان تعيشي اجمل شعور بهذا الكرم الذي اكرمك الله به.

2- مصاحبة الصالحات وطلب المشورة منهن فما خاب من استشار ومجالستهن للابتعاد عن احلام اليقظة وعيش الواقع معهن وبنصائحهن الثمينة.

3- التخلص من الأفكار والمعتقدات الخاطئة وعدم الهروب إلى الوراء والتبرير لنفسك انني لا استطيع فذلك هروبا وتحايلا على النفس ، ويجب أن تكوني حازمة مع ذاتك.

واستبدال الأفكار الخاطئة بالأفكار المنطقية الايجابية والانتقال إلى مرحلة العمل والفعل بدل الأحلام، مرحلة الجدية والنضج العقلي والفكري والسلوكي والانفعالي.

4- التدرب على اتقان مهارات حل المشكلات ومواجهتها بواقعية بعيدا عن الانكار والتبرير والهروب وغيره وممارسة الرياضة والترفيه التي تسعدك وتنور أمامك الحلول الواقعية

5- تقديم العون والمساعدة لبعض الفئات الخاصة والمرضى وأهل احاجة فان ذلك من أفضل الأعمال .

وفقكم الله لما فيه كل خير .

الكاتب: أ. حازم محمد صالح قواقنه

المصدر: موقع المستشار